مذكرة برنامجية
لبنان
تاريخ آخر تحديث: ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٩
البرنامج الحالي المدعم بموارد الصندوق
مساعدات طارئة لمرحلة ما بعد الصراعات (EPCA) قيمتها ٣٧٫٦ مليون دولار أمريكي حصلت على موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في ١٩ نوفمبر ٢٠٠٨، دعما للبرنامج الاقتصادي الذي اعتمدته السلطات حتى آخر شهر يونيو ٢٠٠٩.
خلفية
يبدو من المعلومات الواردة في التقارير أن الاقتصاد اللبناني على درجة عالية من قابلية التأثر بالأزمات، ولكن المثير للدهشة هو أنه لا يزال محتفظا بقدرة فائقة على تجاوز الأحداث العاصفة. فالديون المستحقة على حكومة لبنان كنسبة من إجمالي الناتج المحلي (أكثر من ١٥٠٪) لا تزال واحدة من أعلى النسب في العالم، وجهازه المصرفي الضخم (بأصوله التي تزيد على ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي) يتسم بالانكشاف المفرط للديون السيادية (٥٦٪ من الأصول) وبالاعتماد على التدفقات الداخلة لودائع غير المقيمين، والبلاد تقف في مفترق طرق تسوده التوترات السياسية الإقليمية.
ومع عدم الاتساق الشديد في قيم العملات بين حسابات الحكومة والقطاع الخاص، يظل الاحتفاظ بنظام ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي أمرا ضروريا لاستمرار الاستقرار المالي. وبرغم كل هذا، فقد أثبت الاقتصاد اللبناني صلابته البالغة في مواجهة الصدمات الاقتصادية. غير أن هذه الصلابة لا يمكن اعتبارها من الثوابت المسلم بها. ففي أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان في عام ٢٠٠٦، اتفق المجتمع الدولي على دعم لبنان في تطبيق برنامج طموح لإعادة الإعمار وتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.
دور صندوق النقد الدولي
في أعقاب غزو لبنان في عام ٢٠٠٦، قامت السلطات، بدعم من المجتمع الدولي، بوضع برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي (جدول أعمال مؤتمر باريس ٣) يهدف إلى تحقيق ما يلي:
- تصحيح أوضاع المالية العامة واتخاذ التدابير الهيكلية اللازمة وتنفيذ الخصخصة لمعالجة تداعيات الدين العام المفرط وإعادة تنشيط الاقتصاد؛
- إجراء إصلاحات في القطاع الاجتماعي لتخفيف حدة الفقر وتقليص الفروق بين الدخول على المستوى الإقليمي وتحسين مؤشرات التعليم والصحة.
وقد ساند الصندوق جدول الأعمال المذكور من خلال إطار للمتابعة الفصلية وصرف أول دفعة من الموارد المالية في عام ٢٠٠٧ وفقا لبرنامج المساعدة الطارئة في مرحلة ما بعد الصراعات. غير أن الصراع السياسي على الجبهة الداخلية أسفر عن تعطيل التقدم في تنفيذ جدول أعمال مؤتمر باريس ٣. وكي يساهم الصندوق في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، قدم الدعم للسلطات اللبنانية عن طريق دفعة ثانية من الموارد تم صرفها في عام ٢٠٠٨ في ظل برنامج المساعدة الطارئة في مرحلة ما بعد الصراعات. وقد انتهت مدة العمل بهذا البرنامج في شهر يونيو الماضي.
التقدم المحرز في إطار برنامج المساعدة الطارئة (EPCA)
حقق برنامج المساعدة الطارئة لمرحلة ما بعد الصراعات هدفه الأساسي المتمثل في تخفيض قابلية التعرض للمخاطر كما ساعد لبنان على تجاوز الأزمة المالية العالمية. فمنذ نهاية عام ٢٠٠٦، انخفضت الديون كنسبة من إجمالي الناتج المحلي بما يقرب من ٣٠ نقطة مئوية بفضل النمو الاقتصادي المستمر وانضباط أوضاع المالية العامة. وأدت قوة تدفق الودائع الوافدة، وهي عنصر أساسي لتغطية احتياجات التمويل الحكومية، إلى زيادة إجمالي الاحتياطيات في مصرف لبنان بمقدار الضعف على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية. وتشير التقديرات إلى نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو ٧٪ في عام ٢٠٠٩، بدعم من السياسات الحذرة والوضع السياسي والأمني الذي تحسن بعد اتفاقية الدوحة المبرمة في مايو ٢٠٠٨. غير أن التقدم المحرز في الإصلاحات الهيكلية كان محدودا، نظرا للطريق المسدود على المستوى السياسي في الفترة السابقة للانتخابات البرلمانية في يونيو ٢٠٠٩ وما أعقبها من مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة.
المرحلة المقبلة
جاء تشكيل الحكومة في شهر ديسمبر ليتيح فرصة جديدة لتنشيط الإصلاحات الاقتصادية. وأعلنت السلطات استئناف الإصلاحات الهيكلية تجسيدا لروح جدول أعمال مؤتمر باريس ٣، مع التركيز في نفس الوقت على إدخال تحسينات على البنية التحتية والخدمات العامة. وسيكون تخفيض الدين على أساس متواصل بمثابة عنصر أساسي في معالجة مواطن الخطر الرئيسية التي يتعرض لبنان.
وتنبع المخاطر الكبرى التي تهدد الاحتمالات المتوقعة من إمكانية اقتران عدم اليقين السياسي الداخلي بعدم الاستقرار الإقليمي وتجدد تدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية، وهو ما يشكل اختبارا جديدا لمدى قابلية أوضاع الموازنة والقطاع المالي للتأثر بالأزمات.