Credit: Original illustration by Daniel Lievano 

صندوق نقد دولي يواكب الغد

شهد العالم تغيرا ملحوظا منذ تأسيس صندوق النقد الدولي الذي يرجع إلى ثمانين عاما مضت. في عدد يونيو من مجلة التمويل والتنمية، نبحث كيف يمكن للصندوق أن يتطور لكي يظل فعالا.

"الرخاء، كالسلام، لا يقبل القسمة". هكذا قال وزير الخزانة الأمريكي، هنري مورغنثاو، في كلمته الافتتاحية خلال مؤتمر بريتون وودز الذي عقد في عام 1944. وكانت هذه الكلمات، كما وصفها في خطابه، "بديهية اقتصادية بسيطة" للمساعدة على إرشاد مؤسسي الصندوق.

واليوم، أصبحت هذه الكلمات أكثر أهمية من أي وقت مضى. فأكبر تحدياتنا – بداية من الاحترار العالمي وحتى التحولات الديمغرافية والتكنولوجية – لا يمكن للبلدان حلها بمعزل عن بعضها البعض.

ولكن في الوقت الذي نحتاج فيه إلى المزيد من التعاون الدولي، نجد العكس: المزيد من التشرذم والصراع والتفكك العالمي، والمزيد من الفكر الذي يفضي إلى نتائج صفرية، مهددا إيانا بعالم أكثر فقرا وأقل أمنا.

وبينما نحتفل بالذكرى الثمانين لإنشاء صندوق النقد الدولي، نتساءل: كيف يمكن للصندوق مواصلة التكيف مع الحقائق الجديدة والاحتياجات المتغيرة لأعضائنا المائة والتسعين؟ ونحاول في هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية أن نعرض إجابات ملهمة ومثيرة للفكر.

وتعرب كريستالينا غورغييفا، المدير العام للصندوق، عن تفاؤلها، داعية إلى "العمل متعدد الأطراف في القرن الحادي والعشرين" – إطار للتعاون الدولي أكثر انفتاحا وتمثيلا للجميع، من خلال زيادة التوازن بين الاقتصادات المتقدمة وأصوات اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.

وفي هذا العدد، يمثل هذه الأصوات عدد من أهم صناع السياسات، مثل ميا موتلي رئيسة وزراء بربادوس، وويليام روتو رئيس كينيا، وبابلو غارسيا-سيلفا النائب السابق لمحافظ بنك شيلي المركزي. وتعتمد الثروات الاقتصادية في مناطقهم، إلى حد كبير، على تعزيز نظام العمل متعدد الأطراف، ويطرحون عددا من السبل لتمكين الصندوق من تحقيق هذا الهدف لصالح بلدانه الأعضاء.

وهناك العديد من المقترحات في هذا الشأن. فيعتقد آدم بوسن أن قصر صلاحيات الصندوق على أداء مهمته الاقتصادية الكلية الرئيسية ومنحه المزيد من الاستقلالية التشغيلية قد يساعدانه في تحقيق المزيد من المساواة. ويطرح راغورام راجان نقطة ذات صلة: منح المزيد من السلطات للإدارة العليا في الصندوق – إلى جانب الإصلاحات اللازمة لضمان المزيد من العدالة في توزيع حصص العضوية والمساهمات المالية التي يدفعها الأعضاء – يمكن أن يساعد في اتحاد العالم المتشرذم تحت راية واحدة في مواجهة القضايا المهمة.

ويعد تغير المناخ إحدى هذه القضايا. ويقودنا ذلك إلى مقال مسعود أحمد الذي يتناول الجدال الحالي حول الدور الملائم للصندوق في مواجهة التهديدات المناخية.

وطالما نجح الصندوق في التكيف مع التغيير بالطبع. فتلقي جيلا بازارباشيوغلو من صندوق النقد الدولي الضوء على التطور الذي حققته المنظمة في مراجعاتها الدورية للاقتصادات الأعضاء وتحليلاتها الإقليمية والعالمية. وفي السياق ذاته، يستقي المؤرخ هارولد جيمس عدة دروس من الماضي لإدارة المخاطر المالية العالمية.

وبينما يمضي العالم قدما، هناك حقيقة واحدة تظل واضحة. فوفقا لغورغييفا، " بدون التعاون الدولي لا يسعنا أن نحقق عالما أفضل". وتختتم مقالها المستوحى من جون ماينارد كينز، أحد مؤسسي صندوق النقد الدولي، قائلة " أظن أن كينز كان سيشجعنا على بذل المزيد من الجهد لنكون "خط نقل" عالميا لإمدادات السياسات الاقتصادية السليمة، والموارد المالية، والمعرفة – والمنصة المطلقة للتعاون الاقتصادي العالمي".

ونحتفل أيضا في هذا العدد بذكرى مرور ستين عاما على صدور مجلة التمويل والتنمية ربع السنوية. وعلى غرار مؤسستي بريتون وودز والاقتصاد العالمي، قطعت مجلة التمويل والتنمية شوطا طويلا من التغيير. وهي اليوم منصة يجتمع عليها قادة الفكر في مجالات عديدة ومن بلدان عديدة لشرح ومناقشة القضايا ذات الأهمية للاقتصاد العالمي.

وأود أن أعرب عن تقديري لجميع قرائنا ومساهمينا ونحن نتطلع إلى 60 عاما أخرى من الفكر المتجدد والمناقشات الملهمة.