الصورة: yoh4nn by Getty Images

Credit: Mondou, Chad - December 8, 2012: The picture was took in the desert of Chad during a morning time, we can see a group of immigrant traveling to another country, they are close to a border, when the truck full of goods break down. December 2012

ضرورة تعزيز مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون التي أطلقتها مجموعة العشرين

بالرغم من التدابير الكبيرة المتخذة لتخفيف الأعباء التي جلبتها أزمة كوفيد-19، بات حوالي 60% من البلدان منخفضة الدخل إما معرضا لدرجة مرتفعة من مخاطر المديونية الحرجة أو في مستوى المديونية الحرجة بالفعل. وكانت نسبة هذه البلدان أقل من 30% في عام 2015.

وهناك تحديات متزايدة يتعرض لها الكثير من هذه البلدان. فالسلالات المتحورة الجديدة من الفيروس تطيل فترات التعطل في النشاط الاقتصادي. والمبادرات المعنية بمكافحة كوفيد-19، مثل مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين (DSSI) توشك مدتها على الانتهاء. وكثير من البلدان معرضة لتراكم المتأخرات أو تخفيض المصروفات ذات الأولوية. وقد نرى انهيارا اقتصاديا في بعض البلدان ما لم يتفق الدائنون من مجموعة العشرين على التعجيل بإعادة هيكلة الديون وعلى تعليق مدفوعات خدمة الدين أثناء التفاوض على عمليات إعادة الهيكلة. ومن الضروري أيضا أن ينفذ الدائنون من القطاع الخاص عملية تخفيف أعباء الديون بشروط مماثلة.

وتوضح التجارب التي خاضتها مؤخرا كل من تشاد وإثيوبيا وزامبيا أنه يتعين إدخال تحسينات على "الإطار المشترك لمعالجة الديون بما يتجاوز نطاق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين". إذ يتعين القيام بتحرك عاجل لبناء الثقة في الإطار وتقديم خارطة طريق لمساعدة البلدان الأخرى التي تواجه زيادة مستمرة في مواطن الانكشاف لمخاطر الديون.

2022: مزيد من التحديات يكتنف آفاق المديونية

منذ بداية الجائحة، أفادت البلدان منخفضة الدخل من بعض تدابير المخفِّفة. فقد أدت السياسات المحلية، إلى جانب أسعار الفائدة المنخفضة في الاقتصادات المتقدمة، إلى تخفيف الأثر المالي للأزمة على اقتصاداتها. وقامت مجموعة العشرين بإطلاق "مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين" (DSSI) لمنح أفقر البلدان تعليقا مؤقتا لمدفوعات ديونها الرسمية، ثم أنشأت "الإطار المشترك" لمساعدة هذه البلدان على إعادة هيكلة ديونها والتعامل مع الإعسار ومشكلات نقص السيولة التي طال أمدها. كذلك عزز المجتمع الدولي دعمه المالي، بما في ذلك ما قدمه صندوق النقد الدولي من إقراض طارئ غير مسبوق وتوزيع لمخصصات من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار – منها مخصصات قيمتها 21 مليار دولار حصلت عليها البلدان منخفضة الدخل بشكل مباشر. ولتعظيم هذا الأثر على نحو ملموس، تعهد قادة مجموعة العشرين بتحويل جانب من مخصصات بلدانهم يعادل 100 مليار دولار إلى البلدان منخفضة الدخل.  

ولا شك أن عام 2022 سيكون أصعب كثيرا من سابقه في ظل تشديد الأوضاع المالية الدولية الذي بدأ يلوح في الأفق. فسوف تنقضي مدة "مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين" في نهاية هذا العام، مما يضطر البلدان المشاركة إلى استئناف مدفوعات خدمة الدين. وسيكون على البلدان المعنية الانتقال إلى برامج قوية، وعلى البلدان منخفضة الدخل أن تقوم بمعالجة شاملة للديون، وسيصبح "الإطار المشترك" مطلبا ضروريا للحصول على التمويل من صندوق النقد الدولي.

غير أن "الإطار المشترك" لم يحقق ما وعد به بعد، وهو ما يتطلب تحركا عاجلا.

التنفيذ بطيء حتى الآن

والغرض من "الإطار المشترك" هو التعامل مع حالات الإعسار ومشكلات نقص السيولة طويلة الأمد، إلى جانب تنفيذ برنامج للإصلاح يدعمه صندوق النقد الدولي. فقد اتفق الدائنون الرسميون من أعضاء مجموعة العشرين – سواء دائنو "نادي باريس" التقليديون، مثل فرنسا والولايات المتحدة، أو الدائنون الجد، كالصين والهند، الذين سبقوا نادي باريس في تقديم القروض خلال السنوات العشر الأخيرة كما يوضح الرسم البياني أدناه – على التنسيق فيما بينهم لتقديم تخفيف لأعباء الديون يتسق مع قدرة المدين على السداد ويتيح له الاستمرار في تلبية احتياجات الإنفاق الضرورية. ويتطلب "الإطار المشترك" من دائني القطاع الخاص أن يشاركوا بشروط مماثلة للتغلب على تحديات الإجراء الجماعي وضمان العدالة في اقتسام الأعباء.

 blog120221-ar-the-g20-common-framework-figure1

ولكن حتى الآن، لم يتقدم بطلب الحصول على تخفيف أعباء الديون في ظل "الإطار المشترك" إلا ثلاثة بلدان، هي تشاد وإثيوبيا وزامبيا. وفي كل حالة من هذه الحالات، واجهت البلدان فترات تأخير كبيرة.

وتعكس فترات التأخير تلك، في جانب منها، المشكلات التي دفعت في البداية إلى إنشاء "الإطار المشترك". وهي تشمل التنسيق بين أعضاء نادي باريس وغيرهم من الدائنين، وكذلك مؤسسات ووكالات حكومية متعددة داخل البلدان الدائنة، مما يمكن أن يتسبب في إبطاء القرارات ذات الصلة. ويهدف "الإطار المشترك" إلى تخفيف هذه المشكلات ولكنه لا يتخلص منها. فالدائنون الجدد، بما في ذلك المؤسسات المحلية ذات الصلة، يحتاجون إلى الشعور بالارتياح إزاء عمليات إعادة الهيكلة التي من شأنها السماح لكل الدائنين بالعمل معا لتخفيف أعباء البلدان المدينة وتمكين الصندوق من إقراض البلدان التي تواجه حالات مديونية صعبة. وكل هذا يستغرق وقتا.

غير أن بعض فترات التأخير كان مردها لأسباب لا علاقة لها بالإطار المشترك. ففي تشاد، تتطلب إعادة الديون إلى مستويات مستدامة أن تعاد هيكلة التزام كبير معزز بضمان مستحق لشركة خاصة، وهو قرض اشترك في تقديم جانب منه عدد كبير من البنوك والصناديق. ويؤدي هذا إلى جعل صنع القرار عملية معقدة. وفي إثيوبيا وزامبيا، تسببت التحديات المحلية في إبطاء مسيرة التقدم.

لا وقت نضيعه

ومع تقلص حيز المناورة المتاح أمام السياسات في البلدان المثقلة بالديون، يمكن، بل يجب، أن يحقق الإطار مستهدفاته بسرعة أكبر.

أولا، من الضروري للغاية زيادة الوضوح بشأن الخطوات المختلفة والأطر الزمنية لعملية الإطار المشترك. فإلى جانب التبكير بانخراط الدائنين الرسميين مع المدين والدائنين من القطاع الخاص، ستساعد زيادة الوضوح في تسريع صنع القرار.

ثانيا، من شأن التعليق الشامل والمستمر لمدفوعات خدمة الدين طوال فترة التفاوض أن يخفف أعباء البلد المدين الواقع تحت وطأة الضغوط، بالإضافة إلى توفير الحافز لتسريع الإجراءات بغية الوصول إلى إعادة الهيكلة الفعلية للديون.

ثالثا، ينبغي أن يقدم "الإطار المشترك" مزيدا من التوضيح للطريقة التي سيتم اتباعها بالفعل لإنفاذ المعاملة المتماثلة، بما في ذلك إنفاذها حسب الحاجة من خلال تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي المعنية بالمتأخرات، بغية توفير قدر أكبر من الارتياح للدائنين والمدينين.

وأخيرا وليس آخرا، ينبغي توسيع "الإطار المشترك" ليشمل البلدان الأخرى المثقلة بالديون التي يمكن أن تستفيد من التنسيق بين الدائنين. فتسوية الديون في الوقت المناسب وعلى نحو منظم يصب في صالح المدينين والدائنين على السواء.

ولن يكون ضمان النجاح في الحالات المبكرة مفيدا للبلدان وحسب، بل سيعزز الثقة في "الإطار المشترك" أيضا. وفي هذا الصدد، يمكن أن يكون الانتهاء من عملية إعادة هيكلة ديون تشاد سابقة مهمة للبلدان الأخرى. وفي إثيوبيا، ينبغي أن تواصل لجنة الدائنين عملها الفني الذي سيسمح بإعطاء تأكيدات مبكرة بشأن تخفيف أعباء الديون ما إن يستقر الموقف. وفي زامبيا، ينبغي أن يعجل الدائنون من مجموعة العشرين بتشكيل لجنة من الدائنين الرسميين وأن يبدأوا الانخراط مع السلطات والدائنين من القطاع الخاص حول تخفيف أعباء الديون، مع القيام أيضا بتعليق خدمة الديون مؤقتا في فترة المناقشات حول إعادة هيكلة الدين. وما لم يتحقق هذا، فسوف يواجه البلد اختيارا مستحيلا بين وقف المصروفات ذات الأولوية ومراكمة الديون.

إن التحديات التي تفرضها الديون ملحة والحاجة إلى التحرك بشأنها عاجلة. وتعتبر سلالة أوميكرون التي ظهرت مؤخرا تذكرة بأن الجائحة سوف تستمر معنا لفترة. ويتطلب هذا تحركا آنيا متعدد الأطراف لمعالجة عدم المساواة على المستوى العالمي وكذلك لدعم تسوية الديون في الوقت المناسب وعلى نحو منظم. والصندوق من جانبه على استعداد للعمل مع البنك الدولي وكل شركائنا لضمان تحقيق الإطار للنتائج المنشودة من أجل الشعوب التي وُضِع لمساعدتها.

*****

كريستالينا غورغييفا

جيلا بازارباشيوغلو هي مدير إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة (SPR) في صندوق النقد الدولي. وبهذه الصفة، تقود العمل المعني بتوجه الصندوق الاستراتيجي وتصميم سياساته وتنفيذها وتقييمها، كما تتولى الإشراف على التفاعلات بين الصندوق والأجهزة الدولية، مثل مجموعة العشرين والأمم المتحدة.