7 min (1976 words) Read

القدرة على استقطاب الكفاءات تفرض حدودا قصوى على طموحات البلدان

 

البلدان الجاذبة للأشخاص الأكثر موهبة في العالم ستكون الأنجح في التغلب على الضغوط الاقتصادية المتفاقمة بسبب شيخوخة السكان وتراجع الإنتاجية. غير أن الهجرة ليست دائما محل تأييد. فهل ستنتهي تدفقات المواهب العالمية – تلك "الهبة" كما وصفتُها في كتابي*؟ بالتأكيد لا، بيد أن صناع السياسة سيحتاجون إلى أطر جديدة.

لم هذه النظرة المتفائلة؟ على الرغم من العجز الوشيك في حجم العمالة عبر كثير من البلدان خارج إفريقيا وبعض الأسواق الصاعدة الأخرى، شهدت مؤخرا الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة ومعظم بلدان أوروبا ومناطق أخرى تراجعا في حجم التأييد الشعبي للهجرة الوافدة، ولكنه تراجع عن ارتفاع غير مسبوق في مستويات التأييد غالبا. فالمسوح التي أجرتها مؤسسة غالوب (Gallup) منذ ستينات القرن العشرين توضح أن التأييد الكلي في الولايات المتحدة للهجرة الوافدة بلغ ذروته في أوائل عشرينات القرن الحادي والعشرين. ورغم التراجع الحاد في مستويات التأييد منذ ذلك الحين، فإنها لا تزال تضاهي مستويات عام 2010 - وتتجاوز مستويات العقود السابقة.

كذلك، لا تزال استطلاعات الرأي تشير إلى تأييد واسع للهجرة بدافع العمل أو لأسباب اقتصادية. فقد كشف استطلاع للرأي أجرته شركة "إيشيلون إنسايتس" لأبحاث الرأي في عام 2024 عن تأييد واسع بين أتباع الحزبين لصالح الهجرة الوافدة من العمالة عالية المهارات. وستشهد المرحلة المقبلة نقاشات مهمة حول الهجرة بدافع العمل، مما سيتطلب نظرة جديدة لكيفية تشارك المنافع المتحققة من المواهب العالمية داخل البلدان المتلقية على نطاق أوسع، وإن كانت النزعة العامة لا تزال داعمة إلى حد كبير.

الدور البارز للمواهب

تؤكد بعض الحقائق الأساسية العلاقة بين الهجرة والمواهب. أولا، معدلات هجرة الأشخاص ذوي المهارات الاستثنائية أعلى من مثيلاتها بين الأشخاص العاديين. فنحو 5,4% من العاملين الحاصلين على تعليم جامعي يعيشون خارج بلدانهم الأصلية، مقابل 1,8% من خريجي التعليم الثانوي. كذلك يبلغ معدل هجرة المخترعين والحائزين على جوائز نوبل ضعف وستة أضعاف معدل هجرة العمالة من الحاصلين على تعليم عال، على الترتيب. وبالتالي، فإن نسبة كبيرة ومتزايدة من القوى العاملة الماهرة، في كثير من البلدان المستقبلة للمهاجرين، ولدوا في الخارج، ولا سيما في المجالات المرتبطة بالعلوم والهندسة.

علاوة على ذلك، غالبا ما تكون المواقع التي يستهدفها المهاجرون المهرة ذات طبيعة خاصة. وقد شهدنا انتشارا هائلا للعمل القائم على المعرفة منذ السبعينات، وما صاحبه من تحول في جغرافيا الابتكار. وتقيس الدراسة التي اشتركت مع براد تشاترغون في إجرائها* حجم هذا التحول في براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة، حيث تشير إلى أن ستة مراكز تكنولوجية نجحت في زيادة حصتها من براءات الاختراع بثلاثة أضعاف، من 11,3% خلال الفترة 1975-1979 إلى 34,2% في الفترة 2015-2019 (من بين أكثر من 300 منطقة حضرية). وتوجد مجموعات عنقودية رائدة مماثلة أيضا في الصناعات الإبداعية/الإعلامية، والتمويل، وقطاع ريادة الأعمال مرتفع النمو.

وتوجد مجموعات عنقودية رائدة مماثلة أيضا في الصناعات الإبداعية/الإعلامية، والتمويل، وقطاع ريادة الأعمال مرتفع النمو.

وللمواهب العالمية دور محوري، بل ربما الدور الأبرز، في تطور هذه المجموعات العنقودية القائمة على المواهب. فالوافدون الجدد القادمون من الخارج، بغرض الدراسة أو العمل، ممن لا تربطهم أي صلة بمكان بعينه، يميلون للبحث عن أكثر الفرص جاذبية. وتساعد المواهب العالمية المجموعات العنقودية على التوسع وزيادة الإنتاجية، وبالتالي تعزيز قيمتها، مما يجعلها أكثر جاذبية للوافدين التاليين. ونظرا لأن هذه المجموعات تؤدي عملا قائما على المعرفة لخدمة الأسواق العالمية، يمكنها حشد زمرة من المواهب في مكان واحد. (لا يمكن بالمثل حشد مجموعة من أطباء الأسنان في مدينة واحدة).

والواقع أن هذه العملية تنطوي على الكثير مما يجب الاحتفاء به، كما أن مكاسب الإنتاجية والرفاهية ستشمل الجميع. ويعمل كثير من صناع السياسات بقوة على تعزيز المجموعات العنقودية في بلدانهم، وتمثل المواهب العالمية مدخلا أساسيا في هذه الجهود. غير أن هناك بعض مواطن الضعف التي يتعين على صناع السياسات التصدي لها.

مواطن الضعف

يمكن أن ينشأ شعور بالسخط داخل تلك المجموعات العنقودية الحاضنة للمواهب نفسها. فالنمو أمر جيد، إلى أن يزيد عن الحد. واتضح ذلك جليا في مشاعر الغضب حيال ارتفاع أسعار المساكن، وتراجع تأييد الهجرة الوافدة، لا سيما في كندا (وإن ظلت داعمة لها إلى حد ما من منظور تاريخي). وكان هناك شعور بالغضب أيضا بسبب اكتظاظ المدارس أو المستشفيات. والحقيقة معقدة في هذا السياق.

ففي أغلب الأحوال، يُنحى باللائمة على المواهب العالمية في إحداث أزمة قائمة بالفعل. فعلى سبيل المثال، نادرا ما يكون المهاجرون أنفسهم هم السبب الجذري لعدم كفاية المساكن، وإنما يُعزى ذلك إلى القواعد التنظيمية الصارمة التي تقيد أنشطة البناء الجديدة.

ومع ذلك، يجب على صناع السياسات إقرار حالة التوتر القائمة. فغالبا ما يؤيد قادة الأعمال الهجرة بدافع العمل لرغبتهم في توظيف العمالة. وهذا التأييد دليل على قدرتهم على الاستفادة من المواهب العالمية، وبراعتهم الكبيرة في توسيع نطاق الإنتاج. فالاختراعات في هلسنكي أو وادى السيليكون يمكن توظيفها عبر سلاسل الإمداد العالمية. أما الموارد المحلية الأخرى - سواءً كانت الإسكان أو المدارس، فقد تخضع قدرتها الاستيعابية لقيود أكبر، وبالتالي تستغرق وقتا أطول للتوسع. ويجب على صناع السياسات إدارة هذه التوترات عبر التحكم في معدلات وصول الوافدين من مختلف أنحاء العالم والتخفيف من حالات الاختناق المصاحبة لذلك. والبلدان التي تتفوق في هذه الجهود التكميلية بمقدورها تحقيق أقصى استفادة من المواهب العالمية.

ومن مصادر السخط الأخرى حالة التوتر بين من هم خارج مجموعات المواهب ومن بداخلها. فحتى بالنسبة لمسألة الهجرة بدافع العمل، تُقدَم اعتبارات السياسة على اعتبارات الاقتصاد. فحين يميل بعض السكان إلى عدم الثقة في أصحاب المؤهلات الدراسية العليا ممن يعيشون داخل مجموعات المواهب العنقودية ("الصفوة")، أو يُبدون بغضا صريحا لهم، فقد يتبنون وجهة نظر أكثر تشككا حيال المواهب العالمية ("الصفوة الأجنبية").

وصناع السياسات البارعون الذين ينجحون في التخفيف من حدة هذه التوترات سيحظون بتأييد قطاع كبير من عامة الجمهور للهجرة الوافدة عالية المهارات. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هناك اهتمام متزايد بشأن "تأشيرات الإقامة في مناطق الوسط"، التي تضمن المزيد من التوازن في توزيع المواهب العالمية عبر البلاد. وقد لا يؤدي توظيف المواهب العالمية في منطقة ريفية إلى الزيادة نفسها في مستويات الإنتاجية التي يمكن تحقيقها بتوظيفها في المجموعات العنقودية العليا، ولكن كسب المزيد من التأييد السياسي وزيادة مشاركة المنافع عبر أنحاء البلاد ضرورة سياسية.

هل ستقبَل النساء؟

في سباق الفوز بالمواهب العالمية في المستقبل، سرعان ما ستدرك البلدان أنه يجب عليها جذب المهاجرين، وليس قبولهم فحسب. فتدفقات المواهب العالمية شرط أساسي لجذب المواهب الواعدة إلى المجالات الصاعدة، مثل الذكاء الاصطناعي. وحتى إن كانت البيئة الحالية تتبنى منظورا متشككا حيال الهجرة الوافدة، فإن صانع السياسات الحكيم سيتجنب الخيارات القريبة ذات التداعيات السلبية الدائمة. فما هي بعض الاعتبارات الرئيسية لجذب المواهب العالمية؟

أولا، "مسار التعليم" بحاجة إلى اهتمام. فالهجرة بدافع العمل ترتبط ارتباطا وثيقا بقرارات الدراسة. ويلجأ الكثير من أصحاب العمل إلى تأشيرات العمل لتعيين المواهب الشابة من خريجي الجامعات، وتشير دراسة تاكاو كاتو وتشاد سباربر* إلى أن الطلاب الأفضل أداء يختارون كلياتهم على أساس ما تتيحه من فرص عمل مستقبلية. وفي كثير من الأحيان، لا تتوافق سياسات الدراسة والعمل، مما يفرض عليهم تحديات مؤلمة عند الانتقال من مرحلة الدراسة إلى العمل، أو يؤدي إلى خروج المواهب التي يتوق البلد إلى الاحتفاظ بها وغالبا ما استثمر المال العام في تعليمها. وعلى صناع السياسات ضمان التوازن الصحيح بين مختلف عناصر الهجرة الوافدة - تأشيرات الدراسة، وتأشيرات العمل، والإقامات الدائمة، وما إلى ذلك.

ثانيا، السعي لجذب المواهب العالمية عامل مكمِّل للاستثمار المحلي. فالاختيارات بشأن مكان الدراسة أو انطلاق المسيرة المهنية غالبا ما تشبه الاستثمار في شراء منزل على سبيل المثال. وهذا الاختيار طويل المدى يعني أن المواهب العالمية تعطي الأولوية لكثير من السمات المكانية نفسها كما يفعل مواطنو البلاد - مثل المدارس الجيدة، والبنية التحتية عالية الجودة، والأحياء الآمنة. فضلا عن ذلك، تعتمد الأعمال التي يؤسسها رواد الأعمال المهاجرون على القوى العاملة من مواطني البلاد. ومن ثم، فإن الاستعانة بالمواهب العالمية ليست بديلا عن الاستثمار في المدارس المحلية والسلع العامة.

ثالثا، عدم اليقين بشأن السياسات يقف حائلا أمام الاستثمار طويل الأجل. فحالة عدم اليقين توقفنا عن اتخاذ خيارات مهمة طويلة المدى، سواءً كانت إنشاء مصنع كيماويات، أو الزواج، أو الهجرة من أجل فرص الدراسة والعمل. ويستمر عمل الكثير من أنظمة الهجرة الوافدة، بما في ذلك المنهج الأمريكي، دون أن تكون مؤيدة لمستخدميها بالضرورة. وفي السابق، كان هذا الأمر مقبولا، حيث كانت تتم طمأنة المهاجرين أن استثماراتهم ستحظى بالتقدير والمكافأة العادلة. أما عندما يفقد المهاجرون الوافدون الثقة في استمرارية النظام وقدرته على تلبية وعوده، تتراجع جاذبية البلد للغاية. ويعد استقرار أسس السياسة عاملا ضروريا لجذب أفضل المواهب.

رابعا، ينبغي تصميم سياسات الهجرة الوافدة بحيث تتسم بالمرونة. وبمقدور بعض البلدان، مثل كندا، "هندسة سياسات الهجرة" - وهو وصف مختصر للقدرة على تجربة السياسات، وتعديلها على أساس النتائج الملاحظة، وإعادة معايرتها في ضوء ما تكشفه التجربة من معلومات جديدة، وما إلى ذلك. وعلى العكس من ذلك، تجري الولايات المتحدة تغييرات واسعة النطاق كل عدة عقود. وفي البيئات التي تتسم بالجمود السياسي، ينبغي لصناع السياسات مراعاة المرونة في تصميم سياساتهم، مثل التعديلات التلقائية في الحدود القصوى لمنح التأشيرات على أساس بيانات يمكن استخدامها كمؤشر سهل لهذا الغرض، مثل نمو السكان.

وأخيرا، يجب على سياسات الهجرة الوافدة توزيع الشواغر النادرة بفعالية. فالبلدان تختلف أولوياتها بشأن الهجرة الوافدة وآليات اختيار المهاجرين. وبالنسبة للهجرة الوافدة لأسباب اقتصادية أو بدافع العمل، يقوم عدد كبير من الأنظمة على القرعة أو أسبقية التقديم التي لا تعطي الأولوية للمهارات النادرة بالفعل. وينبغي لصناع السياسات مراجعة الإجراءات لضمان اختيار أفضل المرشحين، وبالتالي تعظيم التأثير الاقتصادي لتدفقات المواهب وتعزيز التأييد السياسي للهجرة الوافدة.

وصحيح، كما يتضح من العنوان الفرعي، أن نسبة النساء قد تتجاوز على الأرجح نسبة الرجال في تدفقات المواهب العالمية. فبحلول عام 2010، تجاوزت نسبة الإناث المهاجرات ذوات المهارات المرتفعة في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أقرانهن من الذكور. وقد يتسع الفرق مجددا مع استمرار تفوق الإناث على الذكور في معدلات الالتحاق بالكليات والجامعات. وسيكون من مصلحة صناع السياسات أن ترصد صورتهم الذهنية عن تدفقات المواهب العالمية هذا الواقع، مع التفكير مليا في المزايا التي تعلق عليها النساء قيمة كبيرة عند اختيار بلدان المقصد المحتملة.

فرق تنافسية قادرة على الفوز

يأمل القادة الحكماء في أن تتمكن بلدانهم من مواجهة تحديات الغد بنجاح، سواءً كانت شيخوخة السكان، أو تراجع الإنتاجية، أو تدهور المناخ، أو تفاقم التوترات السياسية العالمية. وتشكيل فريق تنافسي قادر على الفوز أمر بالغ الأهمية لهذا النجاح الوطني الديناميكي، كما هو الحال في قطاع الأعمال. وبينما تخوض الشركات غمار هذا التحول نحو العمل القائم على المعرفة، دأب عدد متزايد منها على إعلاء شأن "الوظائف المعنية بالموارد البشرية" من كونها تتعلق غالبا بدعم المكاتب الخلفية في توظيف العاملين والامتثال لقواعد الموارد البشرية إلى أن يكون لها صوت مسموع في المناقشات الاستراتيجية. وغالبا ما تصاغ استراتيجية الشركات في ضوء حاجتها إلى الحصول على المواهب، ومن ثم يجب تحديد الأمرين معا. وينطبق ذلك على البلدان أيضا.

ماذا عن رفاهة البلدان المرسلة للمهاجرين؟ لقد خسر بعضها بالفعل بسبب انتقال المواهب إلى الخارج، في حين حققت بلدان كثيرة أخرى عدة مكاسب (وهو ما يُطلق عليه أحيانا مصطلح قاسٍ وهو "هجرة العقول" مقابل "كسب العقول"). ويعتمد الكثير على قوة الشبكات بين البلدان، وما إذا كانت الشركات في البلدان المتلقية ترغب في الانخراط اقتصاديا مع البلدان الأصلية من حيث تتدفق المواهب العالمية. وقد طبق عدد من البلدان المرسلة سياسات لتعزيز هذه الروابط، كما أشرت في كتابي. ومن المثير للدهشة أن المنفعة الأكبر التي تعود على البلدان المرسلة للمهاجرين من تدفق المواهب العالمية تكمن في حصول الشباب الآملين في الهجرة إلى الخارج على المزيد من التعليم، لأن كثيرا منهم لا يهاجرون في نهاية المطاف.

وبالنظر إلى القوى العاملة، بداية من العاملين ككل، مرورا بالعاملين من أصحاب المؤهلات الجامعية، وحتى المخترعين والحائزين على جوائز نوبل، نرى زيادة مستمرة في نسبة المواهب العالمية من القوى العاملة. وفي حين تتشكل الاستراتيجيات الوطنية التي تنتهجها البلدان إزاء التكنولوجيات المتقدمة في ضوء الكثير من الخصائص المحلية والدولية، فإن قدرة البلدان على الحصول على المواهب العالمية تفرض حدا أقصى على طموحاتها.

فرق تنافسية قادرة على الفوز

*  بالانجليزية

ويليام كير أستاذ كرسي داربيلوف لإدارة الأعمال في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، ومؤلف كتاب "هبة المواهب العالمية: كيف تشكل الهجرة الأعمال، والاقتصاد، والمجتمع" (The Gift of Global Talent: How Migration Shapes Business, Economy & Society)

الآراء الواردة في هذه المقالات وغيرها من المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها، ولا تعكس بالضرورة سياسة صندوق النقد الدولي.

المراجع :

Chattergoon, Brad, and William Kerr. 2022. “Winner Takes All? Tech Clusters, Population Centers, and the Spatial Transformation of U.S. Invention.” Research Policy 51 (2): 104418.

Kato, Takao, and Chad Sparber. 2013. “Quotas and Quality: The Effect of H-1B Visa Restrictions on the Pool of Prospective Undergraduate Stu-dents from Abroad.” Review of Economics and Statistics 95 (1): 109–26.

Kerr, William. 2018. The Gift of Global Talent: How Migration Shapes Business, Economy & Society. Stanford, CA: Stanford Business Books.

Kerr, William, and Frederic Robert-Nicoud. 2020. “Tech Clusters.” Journal of Economic Perspectives 34 (3): 50–76.

Lissoni, Francesco, and Ernest Miguelez. 2024. “Migration and Innovation: Learning from Patent and Inventor Data.” Journal of Economic Perspectives 38 (1): 27–54.