5 min (1403 words) Read

فهم القطاع غير الرسمي عن قرب وتحسين استخدامات التكنولوجيا من أجل بناء أسواق إسكان أكثر استدامة

 

يسيطر القطاع غير الرسمي على مدن إفريقيا. إنها مراكز تعج بالابتكار والفوضى للباحثين عن الوظائف والمهاجرين والشباب – تطغى عليها بوضوح الاختناقات المرورية والباعة الجائلين والمساكن غير الرسمية – ولكنها تظل مراكز اقتصادية نابضة بالحياة وجزءا لا يتجزأ من قدرة إفريقيا على تحقيق نموها الاقتصادي المتوقع.

ويأتي الإسكان في صميم أولويات المدن. ووجود عرض كاف من الإسكان الاقتصادي من أهم محركات النمو في المناطق الحضرية. فبخلاف عملية البناء ذاتها، يؤثر الإسكان مباشرة على مكان وكيفية عيش السكان وعملهم وحصولهم على الخدمات. ومن خلال التخطيط الدقيق للإسكان ودمجه في البنية التحتية للمدن، يتسنى دعم كفاءة التنمية الحضرية، وإدارة الكثافة السكانية المتزايدة والاستفادة من الفرص التي تتيحها، وتشجيع النمو الاقتصادي المحلي.

ولكن في المدن الإفريقية، تزيد المساكن غير الرسمية على المساكن الرسمية. كما تتجاوز القروض والاستثمارات غير الرسمية الموجهة إلى قطاع الإسكان – إما من يدٍ ليد، أو من خلال جمعيات أو تعاونيات الادخار والإقراض الدوار، أو في صورة تحويلات – ما يُقدم عن طريق القنوات الخاضعة للتنظيم. ورغم أن العمليات غير الرسمية مكلفة واستغلالية وتفتقر إلى الكفاءة والشفافية في نهاية المطاف، فإنها تتسم بالمرونة وتلبي الاحتياجات ولا تخضع سوى للقليل من حواجز الدخول. والأهم من ذلك أنها تعبر عن أولويات غالبية سكان القارة واحتياجاتهم وقدراتهم.

وتقدم التكنولوجيا فرصا قيمة لدعم الإسكان في هذه البيئة غير الرسمية. فمن خلال توظيف المنصات الرقمية والتكنولوجيا المحمولة وتحليل البيانات ونظم المدن الذكية، يمكن لحكومات المدن والعاملين بها بناء جسر بين المرونة التكيفية للاقتصاد غير الرسمي وعمليات الحوكمة المهيكلة اللازمة لتمكين النمو المستدام. والتحدي الماثل أمام صناع السياسات والجهات التنظيمية والقطاع الخاص لا يكمن في إعاقة الجهود غير الرسمية مع الثقة الزائفة في القطاع الرسمي، بل في توظيف هذه الجهود من خلال الفهم العميق للدوافع والحوافز والاحتياجات التي تحرك القطاع غير الرسمي. وسيساعد ذلك المستثمرين – من القطاع العام أو الخاص أو المؤسسات أو الأفراد – في توجيه استثماراتهم السكنية بدقة إلى السوق الصحيحة، كما سيتيح بناء سوق مستدامة مفتوحة أمام جميع المقيمين في المدن.

كيشا راست المدير التنفيذي لمركز الإسكان ميسور التكلفة في إفريقيا. وتستند هذه المقالة ودراسات الحالة إلى الطبعة الخامسة عشرة من كتاب "تمويل الإسكان في إفريقيا: مراجعة لأسواق تمويل الإسكان في إفريقيا".

الآراء الواردة في هذه المقالات وغيرها من المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها، ولا تعكس بالضرورة سياسة صندوق النقد الدولي.