جمهورية العراق: البيان الختامي الصادر عن خبراء الصندوق بشأن بعثة مشاورات المادة الرابعة للعام 2022 بعثة المشاورات
7 ديسمبر 2022
يصف البيان الختامي الاستنتاجات المبدئية التي يخلُص إليها خبراء صندوق النقد الدولي في ختام زيارة (أو "بعثة") رسمية تتم في الغالب إلى بلد عضو وتُوفَد البعثات باعتبارها جزءًا من المشاورات المنتظمة (السنوية في العادة) بمقتضى المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس الصندوق، في سياق طلب لاستخدام موارد الصندوق (الاقتراض من الصندوق)، كجزء من المناقشات بشأن البرامج التي يتابعها خبراء الصندوق، أو كجزء مما يُجريه الخبراء من عمليات المتابعة الأخرى للتطورات الاقتصادية.
وقد وافقت السلطات الوطنية على نشر هذا البيان. وتعبِّر الآراء الواردة فيه عن وجهات نظر خبراء الصندوق، ولا تمثّل بالضرورة آراء مجلسه التنفيذي. وبناءً على الاستنتاجات المبدئية التي خلُصت إليها هذه البعثة، سيُعِدُّ خبراءُ الصندوق تقريرًا يُقدَّم بعد موافقة الإدارة العليا، إلى المجلس التنفيذي للصندوق للمناقشة واتخاذ القرار.واشنطن العاصمة،: وفّر ارتفاع أسعار النفط للاقتصاد العراقي متنفسا كان العراقُ في أمسّ الحاجة إليه، بعد اقترابه من الدخول في أزَمة مالية في العام 2020. ومع ذلك، فقد استمرّت اختلالات التوازن الأساسية، واستمرّ الاعتماد على النفط في الازدياد. وستكون للاستفادةُ من الفرصة التي وفّرتها الإيرادات النفطية العالية، في عكس اتجاه مواطن الضعف الآخذة في التصاعد وتحديث الاقتصاد، أهميةً قصوى في مواجهة العديد من التحدِّيات التي تلوح في الأُفق، والتي يُمكن أن تضع على المَحَكِّ، بشكل خطير، حدود النموذج الاقتصادي المعمول به حاليًّا في العراق. لذلك يجب البدء بإجراء تحوُّل اقتصادي هادف، مصحوبًا بسياسة للمالية العامة تكون حصيفةً، متأنية ومنضبطة، وتهدف إلى بناء هوامش احتياطيات مالية وقائية، وخفض درجة الاعتماد على النفط، وإعادة توجيه مسار الإنفاق نحو الاستثمارات ذات الأولوية وتلبية الاحتياجات الاجتماعية. كما أن توخّي الدّقة في ضبط ومواءمة موازنة 2023 مع هذا التحوُّل يُعتبر خطوةً حاسمة في المحافظة على المكاسب التي تتحقق جرَّاء الجهود التي بُذلت في الآونة الأخيرة على صعيد السياسات. وإلى جانب ذلك، ستكون الإصلاحات الهيكلية الحاسمة توجُّهًا بالغ الأهمية نحو تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وتعزِّز تطوير القطاع الخاص باعتباره المُحرّك الرئيسي للنمو والتشغيل (توفير فرص العمل).
الآفاق والمخاطر الاقتصادية
1- يتعافى الاقتصاد العراقي بصورة تدريجية في خضمِّ مواطن الضعف الأساسية الآخذة في الازدياد . ويُتوقَّع للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أن ينمو بنسبة 8 في المئة في العام 2022، بسبب زيادة الإنتاج النفطي بنسبة 12 في المئة. ويُتوقَّع في الوقت ذاته ازدياد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي، بوتيرة أكثر اعتدالًا، مقدارها 3 في المئة، بعد انتعاشها بنسبة 21 في المئة في العام 2021. وقد تم احتواء التَّضخُّم نسبيًّا، ليبلغَ نسبة 5 في المئة في المتوسط خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022، نظرًا إلى أن الإعانات التي قُدِّمت للأغذية والوقود قد عطّلت تمرير أسعار السِّلع العالمية المرتفعة ونقلها إلى السوق العراقية. وبفضل ارتفاع أسعار النفط، يُتوقَّع لميزان أرصدة الحساب الجاري للمالية العامة ولميزان الأرصدة الخارجية (أي للفائض / للعجز فيهما) لهذا العام أن يُحقّقا فائضًا يبلغ نسبة 6 في المئة و 11 في المئة، على التوالي، بينما يُحتمل أن يصل حجم احتياطيات البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية إلى ما يزيد عن 90 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام. وفي الوقت ذاته، فإن هذه الفوائض تحجب الاتّساع في ميزان (فائض / عجز) المالية العامة غير النفطي، مع استمرار اعتماد العراق على النفط في الازدياد، والحاجة إلى استخدام سعر النفط في تحقيق التوازن في موازنة الحكومة ("سعر برميل النفط المطلوب للوصول لعجز صفري")، ليبلغ 66 دولارًا أمريكيًّا للبرميل في العام 2022، مرتفعًا من 52 دولارًا أمريكيًّا للبرميل في العام 2019.
2- تعتبر الآفاق الاقتصادية إيجابية على المدى القريب، ولكن مواطن الضعف يُمكن أن تتجلّى بشكل واضح على المدى المتوسط. ويُتوقَّع للإنتاج النفطي بأن يرتفع بصورة تدريجية من (4,4) مليون برميل إلى 5 ملايين برميل في اليوم بحلول العام 2027. كما يُتوقَّع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بأن يتسارع فيبلغ نسبة 4 في المئة في العام 2023، بفضل الحافز الذي نشأ من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، قبل أن تأخذ تلك النسبة في الاعتدال لتبلغ 3,5 في المئة على المدى المتوسط. وفي إطار توقّعات خط الأساس لتراجع أسعار النفط العالمية، واستمرار الموقف التَّوسُّعي لسياسة المالية العامة، يُتوقَّع لميزان رصيد المالية العامة ولميزان الرصيد الخارجي أن يتراجع، ويتحوَّل إلى حالات من العجز بحلول العام 2025. وإلى جانب ذلك، من الممكن أن تبلغ الاحتياطيات من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي مستوى الذروة، بمقدار 100 مليار دولار أمريكي تقريبًا في العام 2024، ثمَّ تتراجع سريعًا على المدى المتوسط.
3- تخضع هذه الآفاق لمخاطر سلبية محتملة كبيرة في خضمِّ العديد من التحديات التي تلوح في الأُفق. ويُمكن لتراجع أسعار النفط العالمية بوتيرة أسرع أن يُنشّط الضغوط المالية مبكّراً. كذلك فإن الأموال الحكومية تتعرّض، على وجه الخصوص، لتراكم الخسائر بوتيرة أسرع في قطاع الكهرباء، وإلى نضوب موارد صندوق تقاعد موظفي الدولة، إضافةً إلى التكاليف الآخذة في الارتفاع، والمترتبة على تغيُّر المناخ.
أولويات السياسات
4- سيكون الإطار المالي السليم عنصرًا بالغ الأهمية في التَّغلُّب على التحدّيات الاقتصادية التي يواجهها العراق. وينبغي لراسمي السياسات توخّي الدّقة في إيجاد التوازن بين أهداف ادّخار الأرباح النفطية الاستثنائية غير المتوقعة، وذلك لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تقلُّب أسعار النفط مستقبلًا، وزيادة الإنفاق الاجتماعي البالغ الأهمية، والإنفاق على الاستثمارات العامة، مع تخفيض مستوى الاعتماد على النفط بصورة تدريجية. ويُوصي خبراء الصندوق بالالتزام بقاعدة مالية ما تهدف إلى تحقيق الخفض التدريجي للعجز المالي الرئيسي غير النفطي، لبناء هامش احتياطي وقائي لتحقيق الاستقرار في المالية العامة، ومن شأنه أن يُحسّن قدرة الحكومة على تيسير الإنفاق استجابةً إلى تراجع أسعار النفط مستقبلًا. وينبغي لتلك الاستراتيجية المالية، في الوقت ذاته، أن تسعى لتخصيص موارد كافية للاستثمارات العامة وشبكة الأمان الاجتماعي، بهدف دعم الاحتياجات التنموية البالغة الأهمية للعراق، ودعم الفئات السكانية الضعيفة.
5- ستكون المواءمة الدَّقيقة لمعايير موازنة 2023 عنصرًا محوريًّا. فمن المهم توفير الربط الكافي لتلك المعايير بأرقام قياسية (مجموعة مؤشرات) للتحويلات النقدية الموجَّهة، وللمعاشات التقاعدية لذوي الدخل المحدود، وذلك لأجل حماية الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفًا من التكاليف المعيشية الآخذة في الارتفاع. ولا يُستَحسَن، في الوقت عينه، دعم النفقات المسايرة للاتجاهات الدورية الاقتصادية دعمًا كبيرًا، نظرًا إلى أنّ هذا الدعم يُمكن أن يُغذّي ضغوطات التضخم، ويزيد اعتماد موازنة الحكومة على الإيرادات النفطية بشكل أكبر، وينشئ الظروف المواتية لحدوث دورة الانتعاش والكساد الاقتصادي المكلف. ويوصي خبراء الصندوق بادّخار جزء كبير من الأرباح النفطية المحتملة غير المتوقعة عن طريق استهداف العجز المالي الرئيسي غير النفطي، وقدره 114 تريليون دينار عراقي (58 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي) في العام 2023، والأهم من ذلك، استهدافه عن طريق احتواء النمو في فاتورة الأُجور الحكومية، وزيادة الإيرادات غير النفطية.
6- تستلزم مخاطر التضخم المرتفعة توخّي اليقظة من جانب السياسة النقدية – فمع أن التضخُّم ظلّ مستقرًا خلال الأشهر الأخيرة، لا تزال هناك مخاطر كبيرة تتمثّل في تسارع وتيرة التضخُّم على المدى القريب، وذلك في ظلّ وجود موقف أكثر تساهلًا في ضبط المالية العامة، وظهور الآثار السعرية الثانوية غير المباشرة لارتفاع أسعار السلع العالمية. وفي حالة تحقّق نشوء هذه المخاطر على أرض الواقع، فسيكون من المهم للبنك المركزي العراقي أن يكون مستعدًّا لتشديد الشروط المالية المحلية حسب مقتضى الحاجة، لتجنُّب تفعيل مُحرِّكات التضخُّم المحلية.
7- تنفيذ إطار المالية العامة المقترح يجب أن يكون مصحوبًا بجهود مستدامة على صعيد السياسات في العديد من المجالات الرئيسية:
- رفع كفاءة إدارة المالية العامة وبخاصة عن طريق تأسيس حساب الخزينة الموحد وتنفيذ النظام المتكامل لمعلومات الإدارة المالية (إفميس IFMIS)، على نحوٍ عاجل، بالإضافة إلى تعزيز الرّقابة على الالتزامات والمطلوبات المحتملة الطارئة.
- تنويع إيرادات الحكومة، بما في ذلك عن طريق جعل الضريبة المفروضة على الأجور تصاعدية الاتّجاه، بشكل أكبر، وإلغاء الإعفاءات التنازلية، وتعزيز الإدارة الضريبية والجمركية، وفرض الضرائب على مبيعات سلع وخدمات غير أساسية مختارة.
- تخفيض فاتورة الأجور الحكومية التي تستهلك حوالي 40 في المئة من الموازنة السنوية، ممّا يؤدّي إلى مزاحمة وإقصاء الأولويات الأُخرى. ولا يمكن استدامة تلك الفاتورة على المدى الطويل مما يُشجّع على إيلاء الأهمية لقيام القطاع الخاص بإيجاد فرص العمل. ويجب اعتماد نهج متشعّب الجوانب يركّز على تعزيز الرّقابة على فاتورة الأُجور، ووضع وتنفيذ استراتيجية لخفض التوظيف في القطاع العام على أساس التناقص الطبيعي لأعداد الموظفين، وعمل مواءمة وثيقة لما تدفعه الحكومة من أُجور وعلاوات مع ما يدفعه القطاع الخاص. وبالتوازي مع ذلك، فإن خبراء الصندوق يُشجّعون على تطوير الإصلاحات المتعلقة بالخدمة المدنية (العاملين في القطاع العام)، ووضع وتنفيذ استراتيجية توظيف وطنية لتحسين مستوى مشاركة القوى العاملة، وإزالة العقبات التي تواجه التوظيف في القطاع الخاص، وخفض مستوى العمل في القطاع غير الرسمي.
- تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي: إن تحديد الأهلية للاستفادة من برنامج بطاقة الإعاشة التموينية غير المُوجَّهة لفئات مستهدفة من شأنه أن يُعزّز بدرجة كبيرة الموازنة المُخصّصة للتحويلات النقدية الموجَّهة. ومن شأن ربط التحويلات النقدية بأرقام قياسية (بمجموعة مؤشرات)، بصورة تلقائية، أن يضمن الحماية الكافية للمنتفعين. وعلاوةً على ذلك، فإنّ إصلاح نظام المعاشات التقاعدية يعتبر مسألةً ملحَّةً بصورة متزايدة، لعدة أهداف أهمها استعادة الاستدامة المالية لصندوق تقاعد موظفي الدولة. وبالمضي قُدُمًا على صعيد الإصلاح، فإن الحاجة تقتضي مواءمة الأنظمة التقاعدية مع بعضها بعضًا، أو إدماجها للعاملين في القطاعين الخاص والعام، وذلك لتيسير إمكانية انتقال العاملين بين القطاعين، وتعزيز الحوافز اللازمة للتشغيل (للتوظيف) في القطاع الخاص.
- تصحيح مسار قطاع الكهرباء الذي يتكبَّد خسائر سنوية تزيد عن 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي يعتبر فيه هذا القطاع غير قادر على تلبية الطلب المحلي. ويجب أن تركّز استراتيجية الإصلاح الشامل لهذا القطاع على تعزيز مسألتي رصد وشفافية تكاليف هذا القطاع، ومراجعة هيكل تعريفة الكهرباء، وتنفيذ الاستثمارات في احتجاز وحصاد الغاز، وفي مصادر الطاقة المتجددة، واستمرار الجهود في تحسين جباية المستحقات وخفض الفاقد والخسائر لأسباب فنية.
- تعزيز الاستقرار المالي: يظلُّ تسريعُ عملية تنفيذ النُّظُم المصرفية الأساسية، والشروع في إعادة هيكلة المصارف الحكومية الكبرى أولويةً بالغة الأهمية. ويُرحّب فريق خبراء الصندوق بانتهاء العراق من إجراء أول تقييم قومي لمخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي تتّفق مع خطط السلطات العراقية للمضي قُدُمًا في الإسراع بتنفيذ التوصيات الرئيسية التي وردت في التقييم. كذلك يدعمُ خبراء الصندوق جهود البنك المركزي الرامية إلى تعزيز الرقابة على المعاملات من خلال مزاد العملات الأجنبية، وخططه التي تهدف إلى استكشاف الآليات البديلة لتمويل التجارة بُغية تسهيلها. وبالتوازي مع ذلك، توصي البعثة بتطوير الأدوات اللازمة لإدارة السيولة النقدية لأجل دعم استقرار سعر الصرف على نحو أفضل.
- تحسين الحوكمة: يرحّب خبراء الصندوق بجهود السلطات العراقية الرامية إلى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد، للفترة 2021 – 2024، وقد شدَّدت البعثة على أهمية الاستمرار في تعزيز الحوكمة (سبل ووسائل الإدارة العامة)، بما في ذلك من خلال إنجاز ونشر تقارير مراجعة وتدقيق الحسابات الحكومية في الوقت المناسب، وتحسين الإطار القانوني، وتبسيط الهيكلية المؤسّسية لمكافحة الفساد، والارتقاء بعملية رقمنة (استخدام التكنولوجية الرقمية في) المؤسسات الحكومية.
ويودُّ فريق خبراء الصندوق أن يُزجي شكره للسلطات العراقية على حُسن وكرم الضيافة وجودة المناقشات التي أجراها مع السلطات الحكومية.
إدارة التواصل، صندوق النقد الدولي
قسم العلاقات الإعلامية
مسؤول الشؤون الصحفية: Wafa Amr
هاتف:7100-623 202 1+بريد إلكتروني: MEDIA@IMF.org