التحديات العالمية أمام رابطة آسيان وأولويات السياسات
15 نوفمبر 2022
شكرا سعادة هون سين، يشرفني أن أجتمع معكم اليوم.
اسمحوا لي أن أبدأ بالثناء عليكم وعلى شعب كمبوديا لما حققتموه من إنجازات بارزة على مدار العقدين الماضيين. لقد نقلتكم بلادكم من أكثر اللحظات المظلمة في تاريخها إلى أن أصبحت الآن واحدة من أسرع اقتصادات العالم نموا، فتمكنتم من الحد من الفقر بصورة هائلة، وتحسين مستويات المعيشة بينما تطمحون إلى الانضمام إلى صفوف بلدان الشريحة العُليا في فئة الدخل المتوسط بنهاية العقد الحالي.
وأود أن أتطرق إلى ثلاث نقاط: الآفاق الاقتصادية العالمية؛ ووضع بلدان رابطة "آسيان" في هذه الآفاق؛ وأولويات السياسات.
أولا، الآفاق العالمية. خلال السنوات الثلاث الأخيرة – وهي فترة قصيرة نسبيا – أصابتنا صدمة فوق صدمة فوق صدمة: جائحة عالمية، وحرب في أوروبا، وأزمة تكلفة المعيشة. فأفضت إلى صورة شديدة القتامة للاقتصاد العالمي – لهذا العام، وللعام التالي بصفة خاصة.
إن التأثير المزدوج للانقطاعات في سلاسل الإمداد من جراء الجائحة، والارتفاع السريع للغاية في أسعار الطاقة والغذاء، قد أسفرا عن ارتفاع مزمن في التضخم، مما أدى إلى ضيق الأوضاع المالية وأسفر عن تباطؤ مفاجئ في النمو العالمي من 6% في 2021 إلى 3,2% في 2022. ونتوقع بلوغه 2,7% في 2023، ولكن مع احتمالية نسبتها 25% بأن النمو قد ينخفض بالفعل إلى أقل من 2%.
وبينما ننظر إلى هذه الصورة القاتمة، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاتجاه العام نحو زيادة التشرذم – في وقت نحتاج فيه إلى بعضنا بعضا أكثر من ذي قبل. ويساورني قلق بالغ من أننا ربما نسير لا شعوريا نحو عالم سيكون أفقر وأقل أمانا نتيجة لذلك.
ويقودني هذا إلى نقطتي الثانية وهي نقطة أكثر إيجابية في هذا القصة، إنها نقطة مضيئة نسبيا في آفاق مظلمة. فمن المتوقع لرابطة آسيان أن تنمو بنسبة 5% هذا العام و4,7% العام القادم، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
ويرجع هذا إلى التقدم المطرد على صعيد الإصلاحات والتكامل الرائع بين اقتصاداتها. ولهذا السبب يحدوني أمل كبير على أن يكون لرابطة "آسيان" دور رئيسي في المساعدة على منع التشرذم، ودور فعلي في تشجيع العالم على أن يبقى على المسار الصحيح.
وذلك لأننا، كما ذكرتم معالي رئيس الوزراء في كلمتكم الافتتاحية، يجب علينا أن نسير معا. فنحن معا أكثر قوة.
وفي نفس الوقت، حتى ونحن نرقب الآفاق الواعدة لرابطة "آسيان"، لا مجال أمامنا للتراخي. وعلينا كذلك أن ندرك أن هذه البلدان قد تضررت من الندوب التي خلفتها الجائحة، وتواجه أضرارا الآن من تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي. ولذلك، من المهم للغاية أن تركز رابطة "آسيان" سياساتها في ذلك السياق العالمي وأن تدرك وجود هذه الندوب.
ويقودني هذا إلى نقطتي الثالثة: أولويات السياسات.
أولا، الاعتراف بأن الأولوية في بيئة السياسات العالمية هي مكافحة التضخم المزمن. ويجب على البنوك المركزية أن تشدد سياساتها وأن تفعل ذلك إلى حين انخفاض التضخم بشكل ملموس. وهذه هي الخطوة الصحيحة التي ينبغي اتخاذها لأن استقرار الأسعار مطلب أساسي للنمو. ونحن نعلم أيضا أن التضخم أشد ضررا على أشد الناس فقرا.
ومن ثم، فنحن نتوقع من البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، أن تستمر على نفس المسار. وهذا يعني أن التشديد لن يكون ظاهرة قصيرة الأمد. ويتعين على البلدان أن تأخذ ذلك في الحسبان في سياساتها النقدية وسياسات أسعار الصرف الخاصة بها – مع الاعتراف أيضا بأن قوة الدولار تصحبها أسعار الفائدة المرتفعة هذه.
وثانيا، ينبغي الاعتراف بأنه في حين أن الضرر قد أصاب الجميع، فإن بعض شرائح المجتمع تتضرر أكثر من غيرها. وبالتالي، يتعين توجيه سياسة المالية العامة بحكمة نحو أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة – لأننا لا نعرف إلى متى سنحتاج إلى اللجوء إلى الموارد العامة الشحيحة لتقديم تلك المساعدة.
ثالثا وأخيرا، هناك فرص هائلة محتملة أمام رابطة "آسيان". فالتغيرات في سلاسل الإمداد تخلق فرصا جديدة. وعلينا أن نغتنم الفرص التي يتيحها الاقتصاد الأخضر الجديد القادر على تحمل تغيرات المناخ. والتحول الرقمي يوفر فرصة أخرى وقد ساعد هذه المنطقة بالفعل على تحقيق مستوى أداء أفضل، وإن كان التحول الرقمي ينطوي كذلك على مخاطر خاصة به.
إذن بوجه عام، أحسنت صنعا يا رابطة "آسيا". فنحن في حاجة إلى نجم ساطع في سمائنا الرمادية. ولكي يبقى ساطعا، نحتاج إلى عالم متكامل، عالم نعمل فيه جميعا معا من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
أشكركم على إتاحة الفرصة لهذه المداخلة.
إدارة التواصل، صندوق النقد الدولي
قسم العلاقات الإعلامية
مسؤول الشؤون الصحفية:
هاتف:7100-623 202 1+بريد إلكتروني: MEDIA@IMF.org