مصر: الاقتصاد يستجمع قواه
26 سبتمبر 2017
نشر الصندوق في 26 سبتمبر الجاري تقرير خبرائه عن المراجعة الأولى لأداء مصر في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يهدف إلى استعادة استقرارها الاقتصادي وتمهيد السبيل لنمو أعلى على المدى الطويل. وقد بدأ البرنامج بداية جيدة، حيث قامت الحكومة بإصلاحات جريئة ولكنها ضرورية، مع توفير الحماية للفقراء. وأتاحت موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على البرنامج إلى صرف 1.25 مليار دولار أمريكي من قيمة الدعم البالغة 12 مليار دولار أمريكي بموجب تسهيل الصندوق الممدد.
وفي هذا الصدد قال السيد سوبير لال، رئيس فريق الصندوق المعني بمصر: "السلطات المصرية شرعت في برنامج إصلاح طموح واتخذت إجراءات حاسمة تهدف إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وإعادة المالية العامة إلى مستوى قابل للاستمرار. وفي نفس الوقت، سعت السلطات إلى حماية محدودي الدخل من خلال تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية. وقد رأينا أن النشاط الاقتصادي بدأ يكتسب قوة متزايدة كما بدأت الجهود المبذولة لكبح عجز الموازنة العامة تؤتي ثمارها. ومع تحرير سوق النقد الأجنبي، اختفى النقص السابق في العملات الأجنبية. وفي الفترة المقبلة حتى نهاية هذا العام وإلى العام القادم، هناك مزيج من السياسات يؤدي بدوره إلى تخفيض التضخم عن المستويات المرتفعة التي بلغها في صيف هذا العام."
وقد أطلقت مصر برنامجها الإصلاحي حين واجه اقتصادها اختلالات متزايدة أدت إلى ارتفاع الدين العام، واتساع عجز الحساب الجاري، وتناقص الاحتياطيات الرسمية. ولدعم الإصلاحات الوطنية المطلوبة، شرعت الحكومة في نوفمبر 2016 في برنامج يدعمه الصندوق لاستعادة استقرار ماليتها العامة، وتشجيع النمو وتوظيف العمالة، مع حماية الفقراء من الآثار السلبية للتغييرات الجارية.
وفيما يلي حصر لما حققته الحكومة منذ بدء العمل:
- نظام سعر الصرف المرن: مع تعويم الجنيه المصري، عاد سوق النقد الأجنبي لطبيعته، واختفت السوق الموازية للعملات الأجنبية. وتركز السياسة النقدية على تخفيض التضخم الذي تجاوز 30% منذ شهر إبريل، مما يرجع في الأساس إلى الانخفاض الحاد لسعر الجنيه المصري وتأثير إصلاحات الطاقة والضرائب.
- تخفيض عجز الموازنة: طبقت الحكومة ضريبة القيمة المضافة كجزء من برنامجها الإصلاحي الذي يهدف إلى زيادة الإيرادات الضريبية بصورة قابلة للاستمرار. كذلك اتخذت الحكومة خطوات لإصلاح النفقات، ومن أبرز هذه الخطوات إصلاح دعم الطاقة. وستؤدي زيادة الموارد المحققة من ضريبة القيمة المضافة وزيادة كفاءة الإنفاق إلى إبطاء وتيرة تراكم الدين العام الذي كان يرتفع بمعدل سريع.
- إصلاح دعم الطاقة: اتخذت الحكومة خطوات جريئة لتخفيض دعم الطاقة الذي يذهب معظمه إلى الأثرياء، كما يتسبب في تحيز الإنتاج للصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة. وقد أعادت الحكومة توزيع جزء من مواردها لدعم الإنفاق الاجتماعي، بما في ذلك الإنفاق على الصحة والتعليم، والتحويلات النقدية الموجهة للمستحقين.
- أهمية احتواء النساء والشباب لاقتسام ثمار النمو على نطاق أوسع: اتخذت الحكومة إجراءات لزيادة توظيف العمالة من النساء والشباب وزيادة مشاركتهم في سوق العمل. فقد خصصت موارد في الموازنة العامة للتوسع في إتاحة دور الحضانة العامة وتحسين جودتها، من أجل مساعدة النساء على الانضمام إلى سوق العمل. كذلك تخطط الحكومة لتعزيز مستوى الأمان في المواصلات العامة. وبالإضافة إلى ذلك، نفذت الحكومة برامج تدريب متخصصة للشباب ونظم لمساعدتهم في البحث عن عمل.
- ارتفاع النمو من خلال إصلاحات هيكلية واسعة النطاق: وافق مجلس النواب المصري على عدة إجراءات لتحسين مناخ الأعمال، كتخفيض الإجراءات الروتينية اللازمة لإصدار التراخيص الصناعية، وتيسير الحصول على التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ومن شأن هذه الإجراءات أن تخلق مزيدا من فرص العمل وتساعد على تخفيف البطالة، التي تتركز بين النساء والشباب بشكل خاص.
المسار القادم
بناء على جهود الإصلاح الجارية واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري، تمتلك مصر فرصة للتحول إلى مسار من النمو الأعلى، وتعزيز الرخاء لكل شرائح المجتمع، بالحفاظ على مكاسب الاستقرار الاقتصادي والاستفادة من إمكاناتها الكاملة لتحقيق النمو.