العراق يحصل من الصندوق على قرض بقيمة 5.34 مليار دولار أمريكي لدعم الاستقرار الاقتصادي
14 يوليو 2016
- الاقتصاد العراقي يواجه صدمة انخفاض أسعار النفط وتصاعد التحديات الأمنية
- قرض الصندوق يدعم برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي ويضمن بقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحملها
- البرنامج يتضمن تدابير لحماية الفقراء وكبح الفساد وتعزيز استقرار القطاع المالي
يركز القرض على تنفيذ سياسات اقتصادية ومالية تساعد العراق على مواجهة انخفاض أسعار النفط وضمان بقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحملها.
وسيقدم القرض في سياق البرنامج الذي يدعمه اتفاق الاستعداد الائتماني على مدار ثلاث سنوات، كما يتضمن تدابير لحماية السكان محدودي الدخل — وهو أمر بالغ الأهمية في سياق الصراعات التي أسفرت عن أكثر من 4 ملايين نازح داخلياً. ويبني البرنامج على نجاح البرنامج الذي يراقبه خبراء الصندوق مؤخرا والذي بدأته السلطات في نوفمبر 2015 لمواجهة الصدمة المزدوجة المترتبة على هجمات تنظيم داعش والهبوط الحاد لأسعار النفط العالمية، وسيساعد على سد فجوة التمويل البالغة نحو 18.1 مليار دولار أمريكي.
وفي هذا الصدد، أجرت نشرة الصندوق الإلكترونية حوارا مع السيد كريستيان جوز، رئيس بعثة الصندوق المعنية بالعراق، أوضح فيه أسباب تقديم هذا القرض وأهم أهداف البرنامج الذي يدعمه الصندوق.
مقالة الصندوق: لماذا يطلب العراق مساعدة مالية من الصندوق الآن؟
السيد جوز: أصيب العراق بصدمة مزدوجة لفترة زمنية ممتدة. أولا، أدت هجمات داعش منذ منتصف 2014 إلى أزمة إنسانية واجتماعية أسفرت عن ملايين من النازحين داخليا، كما ألحق الدمار بأصول البلاد وبنيتها التحتية مما أحدث اضطرابات في الإنتاج وطرق التجارة. ونتيجة لذلك، حدث انكماش حاد في الاقتصاد غير النفطي. ثانيا، تفاقم الوضع من جراء الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية – وهو السلعة التي يعتمد عليها العراق بشكل شبه كلي للحصول على إيراداته الحكومية – مما تسبب في اختلالات داخلية وخارجية كبيرة، وعجز كبير ومتزايد في الموازنة العامة، وارتفاع مستمر في الدين العام، بالإضافة إلى خسائر في احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية وبعض الضغوط على الدينار العراقي.
ونتيجة لذلك، تواصلت السلطات العراقية مع الصندوق لطلب المساعدة الطارئة، وعملنا معها لتقديم تمويل طارئ بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي في يوليو 2015 من خلال "أداة التمويل السريع". غير أن اشتداد وطأة الصدمتين لاحقاً أدى بالسلطات إلى طلب ارتباط أطول أجلا معنا لا يقتصر على معالجة تداعيات الأزمة وإنما يمتد إلى وضع الأساس للإصلاحات العميقة التي طال انتظارها. وفي هذا السياق، بدأ في نوفمبر 2015 – بطلب من السلطات - تنفيذ برنامج يراقبه خبراء الصندوق (ولا يرتبط بقروض) لإرساء الأوضاع الضرورية وبناء القدرات المطلوبة وتحقيق سجل الأداء اللازم للانتقال إلى اتفاق الاستعداد الائتماني الحالي.
مقالة الصندوق : ما هي أهم عناصر السياسة التي يرتكز عليها برنامج العراق وكيف سيساعد البلاد؟
السيد جوز: البرنامج مصمم بحيث يركز على أربعة عناصر أساسية: (أ) تخفيض إنفاق الموازنة وإعادة المالية العامة إلى حالة صحية وتحقيق استقرار الدين، (ب) حماية الإنفاق الاجتماعي لتخفيف أعباء الحياة عن أفقر شرائح السكان، والنازحين داخليا، واللاجئين، (ج) تحسين جودة الإنفاق العام ومنع تراكم الدين غير المسدد من خلال تحسينات في إدارة المالية العامة، (د) البدء في عملية إعادة هيكلة للبنوك المملوكة للدولة بغية الحد من سيطرتها على الجهاز المصرفي، ومن ثم تخفيف مخاطر القطاع المالي والحفاظ على استقراره.
مقالة الصندوق : كيف تأثر الاقتصاد العراقي بالصراعات الدائرة وهل سيتسبب هذا في تعثر تنفيذ البرنامج؟
السيد جوز: من ناحية، انكمش الاقتصاد غير النفطي بنسبة 19% في 2015 ومن المتوقع أن يواصل الانكماش في 2016. ومن ناحية أخرى، حقق القطاع النفطي، الذي أفلت حتى الآن من مغبة الحرب، نموا قدره 13% في 2015 وأكثر من 20% أثناء الشهور الخمسة الأولى من 2016، مما ساعد على دعم الاقتصاد الأوسع ومصروفات الموازنة الضرورية واحتياطيات النقد الأجنبي في سياق الصدمة المزدوجة.
ورغم وجود مخاطر أمام تنفيذ البرنامج – مثل الحرب ضد داعش، وانخفاض أسعار النفط العالمية، وعدم اليقين بشأن اتفاقية اقتسام الموازنة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان – فإن إجراءات السياسة الموضحة آنفا ستساعد على استقرار الاقتصاد في العراق.
مقالة الصندوق : هل لك أن توضح أهمية الاستمرار في ربط الدينار العراقي بالدولار الأمريكي؟
السيد جوز: يربط العراق عملته بالدولار الأمريكي منذ سنوات، وهو ما خدم الاقتصاد العراقي بشكل جيد. فربط العملة يساعد على توفير الاستقرار في بيئة تسودها أجواء عدم اليقين، وخاصة مع ضعف القدرات الكفيلة بإنجاح السياسات تحت تأثير الحرب مع داعش. وفي ظل الظروف الراهنة، ونظرا لطبيعة الصدمات، لن يكون هناك ما يبرر الانتقال إلى سعر صرف أكثر مرونة، وذلك لسببين أساسيين. أولا، العراق بلد مصدر للنفط بصفة أساسية، وتخفيض سعر الدينار لن يترك أثرا يذكر على تنافسية الاقتصاد الكلية على الصعيد التجاري. ثانيا، هناك درجة كبيرة من الاعتماد على الواردات – فالعراق يستورد قرابة نصف احتياجاته الاستهلاكية – وتخفيض سعر الدينار يمكن أن يُحْدِث ارتفاعا فوريا حادا في التضخم بالنسبة لمعظم الأغذية وغيرها من السلع الاستهلاكية، وهو ما يفاقم التوترات الاجتماعية الصعبة بالفعل. والسلطات ملتزمة بالحفاظ على ربط الدينار العراقي بالدولار الأمريكي في ظل هذه الظروف، ونحن نؤيد هذا الرأي.
مقالة الصندوق : كيف سيساعد البرنامج على حماية السكان الفقراء والنازحين داخليا؟
السيد جوز: وضع البرنامج حدا أدنى لعدد بنود الموازنة التي تعتبر ضرورية للإنفاق الاجتماعي بهدف حماية أقل الشرائح دخلا. وتغطي هذه البنود الإنفاق الموجه لشبكة الحماية الاجتماعية، ونظام التوزيع العام (دعم البنود الغذائية والقمح والأرز)، ودعم المنتجات الزراعية، والتحويلات والمساعدات للنازحين داخليا واللاجئين، وإنفاق وزارتي الصحة والتعليم على الرواتب والسلع والخدمات.
مقالة الصندوق : ما التدابير التي يمكن أن تتخذها السلطات العراقية الآن حتى تضع الأساس لنمو يقوده القطاع الخاص في المستقبل؟
السيد جوز: تعمل السلطات على إرساء الأساس لتنمية القطاع الخاص عن طريق الاستقرار الاقتصادي الكلي، بما في ذلك إبقاء الدين في حدود يمكن تحملها. ومن خلال الحفاظ على الانضباط المالي، ستنشئ حيزا ماليا لسداد مستحقات الموردين وشركات النفط الدولية في الموعد المقرر، وهو أمر ضروري للحفاظ على استقرار القطاع المالي وإنتاج النفط. وبالإضافة إلى ذلك، تستطيع السلطات دفع عجلة النمو بقيادة القطاع الخاص عن طريق إعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدولة – بما فيها البنوك الستة المملوكة للدولة – وتحديد أولويات المشروعات الاستثمارية، مثلما هو الحال بالنسبة لمركز الكهرباء، الأمر الذي سيساعد على دعم تطوير البنية التحتية.