صندوق النقد الدولي

Search

مذكرة برنامجية

الجمهورية اليمنية

آخر تحديث بتاريخ : 3 إبريل 2015

البرنامج الحالي المدعم بموارد الصندوق

البرنامج الحالي الذي يدعمه الصندوق: قرض بقيمة 550 مليون دولار أمريكيا في إطار "التسهيل الائتماني الممدد" (Extended Credit Facility – ECF)، وافق عليه المجلس التنفيذي بالصندوق في 2 سبتمبر 2014.

خلفية

اليمن بلد ذو أهمية استراتيجية يقع في شبه الجزيرة العربية مطلاً على مضيق باب المندب ويتمتع بإمكانات اقتصادية هائلة بفضل قوته العاملة الكبيرة وخطه الساحلي الطويل وموارده الزراعية والهيدروكربونية. لكن اليمن من أفقر بلدان العالم وأكثرها هشاشة. فالفقر وسوء التغذية والبطالة مظاهر واسعة الانتشار، والموارد المائية بالغة الندرة. وتؤدي المؤشرات الاجتماعية الضعيفة إلى تفاقم التوترات الاجتماعية، وزيادة التعقيدات التي تواجه عملية إدارة الاقتصاد، وتكثيف التحديات الأمنية. وبالإضافة إلى ذلك، فالاقتصاد معرض للصدمات الخارجية بسبب الاعتماد المفرط على الموارد الهيدروكربونية.  

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، واجه اليمن عدة صدمات حادة أنهكت النشاط الاقتصادي. وعلى وجه الخصوص، شهد إنتاج النفط هبوطا حادا، وتأثر الاستثمار بالاضطرابات الاجتماعية وأعمال التخريب التي أسفرت عن تكرار إتلاف أنابيب النفط والبنية التحتية. وأدت الأزمة السياسية التي وقعت في عام 2011 إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب. وعانت أنشطة القطاع الخاص، ووقعت ضغوط على المالية العامة والاحتياطيات الرسمية، وحدث ارتفاع حاد في معدل التضخم. ثم استقر الاقتصاد في نهاية المطاف وبدأ يتعافى في عام 2012، وهو ما يرجع جزئياً إلى المنح الخارجية الكبيرة من المملكة العربية السعودية وتنفيذ بعض الإصلاحات في ظل "التسهيل الائتماني السريع" المقدم من الصندوق. غير أن التعافي لم يستمر طويلا وظهرت الضغوط من جديد في أوائل عام 2014 بسبب الاعتداءات المتكررة على المنشآت النفطية، مما خفض إيرادات المالية العامة والتصدير، وأخر تنفيذ إصلاحات أساسية يتطلبها تنويع الاقتصاد. وكانت المخاطر التي تعرض لها الاستقرار الاقتصادي الكلي نتيجة لذلك دافعا لجولة جديدة من الإصلاحات دعمها اتفاق عُقِد مع الصندوق في سبتمبر 2014 بمقتضى "التسهيل الائتماني الممدد".  

ويتمثل التحدي الاقتصادي الأكبر أمام اليمن في تحقيق نمو احتوائي مرتفع وتوفير فرص العمل الكافية في بيئة اقتصادية مستقرة. ويحتم ذلك مواصلة الجهود للتغلب على العقبات ذات الصلة بالسياسات والمعوقات الهيكلية التي تقف أمام تحقيق إمكانات الاقتصاد الكاملة. ومن الضروري معالجة هيكل المالية العامة الضعيف، وتخفيض دعم الوقود المطبق على نطاق واسع، ومعالجة الفساد، وتحسين تقديم الخدمات العامة ورفع كفاءتها، وتعزيز مناخ الأعمال، وتشجيع رأس المال البشري، وتيسير الحصول على التمويل، وزيادة المساعدات المقدمة للفقراء. وقد أطلقت السلطات جدول أعمال وطني جريء للإصلاح يعالج هذه التحديات ويعزز صلابة الاقتصاد في مواجهة الصدمات. وشعر المانحون بوجود ما يشجع على صرف دفعات الدعم المالي نظرا لما تضمنته إصلاحات السلطات من توجه قوي نحو تحسين أوضاع الفقراء.  

دور صندوق النقد الدولي

كان الهدف من "التسهيل الائتماني الممدد" الذي يغطي ثلاث سنوات (2014-2016) هو دعم إصلاحات السلطات المُعزِّزة للنمو والمسانِدة للفقراء من خلال معالجة التحديات الاقتصادية الأساسية التي تواجه اليمن، وتعبئة المزيد من الموارد المالية التي يقدمها المانحون الدوليون. وقد راعى "التسهيل الائتماني الممدد" وجود نقص في القدرات المؤسسية وأتاح وقتا كافيا لتنفيذ الإصلاحات بالتشاور مع الأطراف المعنية الأساسية.

وكان احتواء دعم الوقود المعمم أحد الإصلاحات الأساسية في ظل "التسهيل الائتماني الممدد"، وكان الهدف منه هو إيجاد حيز مالي للإنفاق على استثمارات البنية التحتية والتحويلات الاجتماعية الموجهة إلى الفقراء. وقد تجاوز هذا الدعم 7% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 واستنفد أكثر من نصف الإيرادات الهيدروكربونية اليمنية. وبالإضافة إلى ذلك، كان هذا الدعم أكثر نفعاً للأغنياء كما كان مشجعا على أعمال التهريب. ولتخفيض هذا الدعم، قامت السلطات بزيادة أسعار الديزل والبنزين والكيروسين بنسبة 50% و 20% و 100% على الترتيب، في منتصف عام 2014. ولم تزد أسعار التجزئة واقعيا، حيث لم تكن هذه المنتجات متاحة إلا بأسعار السوق الموازية. وفي نفس الوقت، قامت السلطات بزيادة تحويلات صندوق الرعاية الاجتماعية إلى الفقراء بمقدار 50%.

كذلك تم اتخاذ خطوات للتخلص من ظاهرة "العمالة الوهمية" في جدول الأجور حتى يتسنى احتواء فاتورة الأجور. وتم اتخاذ خطوات أيضا لتعميم استخدام بطاقات التعريف بنظام البصمة الإلكترونية في جهاز الخدمة المدنية بالكامل، والتطبيق التدريجي لنظام صرف الأجور من خلال البنوك ومكاتب البريد.

وتؤدي الإيرادات الضريبية المنخفضة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي والاعتماد الكبير على الإيرادات الهيدروكربونية إلى زيادة تعرض الإيرادات الحكومية للتأثر بتقلب أسعار الهيدروكربونات وصدمات الإنتاج. ومن ثم، استهدفت إصلاحات المالية العامة زيادة إيرادات الضرائب عن طريق مكافحة التهرب الضريبي وزيادة امتثال كبار المكلفين الضريبيين.

كذلك تم البدء في إصلاحات تعزيز الحوكمة ودعم الاستقرار والمرونة في القطاع المالي، وتشجيع الوساطة المالية.  

وكان الأداء المبدئي في إطار "التسهيل الائتماني الممدد" مُرْضِيا حتى نهاية ديسمبر 2014 حسبما توضح المؤشرات الاقتصادية الأساسية. غير أن النشاط الاقتصادي كان أضعف من المتوقع نظرا لتفاقم الأوضاع السياسية والأمنية وانخفاض الاستثمار. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ظل ثابتا في عام 2014، بينما تراجع التضخم إلى 8%. وحدث بعض التحسن في عجز المالية العامة، وظل سعر الصرف مستقرا، وكانت تغطية الاحتياطيات كافية (حوالي 4.5% من الواردات)، وذلك بفضل السياسات المالية الرشيدة والمنحة الكبيرة التي قدمتها المملكة العربية السعودية.

لكن البعثة المكلفة بإجراء المراجعة الأولى في إطار "التسهيل الائتماني الممدد" تأجلت بسبب تدهور الأوضاع السياسية والأمنية منذ أوائل 2015 ثم احتدام الصراع المسلح مؤخرا.  

تحديات المستقبل

وتشير المعلومات المبدئية إلى التكلفة الاقتصادية الكبيرة المترتبة على الأزمة، بالإضافة إلى الخسائر البشرية. أما التأثير على الفقراء فهو باعث على القلق بوجه خاص. فالبيانات المبكرة لعام 2015 توضح أن النشاط الاقتصادي والصادرات والاحتياطيات تسير كلها في اتجاه الهبوط، بينما بدأ ظهور الضغوط على صعيدي التضخم وسعر الصرف. ونظرا للأزمة الجارية، سيتعين إعادة تقييم مسار التصحيح والإصلاح الاقتصاديين الذي كان قد بدأ في إطار "التسهيل الائتماني الممدد"، ولكن التحديات السابقة على الأزمة لن تختفي. وينبغي أن يكون المجتمع الدولي مستعدا للتحرك العاجل لدعم التعافي الاقتصادي واستئناف الإصلاحات بمجرد أن ينجلي عدم اليقين السياسي والأمني الراهن.